أوجه كثيرة لعنف واحد

منذ حوالي الأسبوعين وخلال إحدى المظاهرات، تمّ لمسي أكثر من 3 مرات بطرق غير لائقة. في المرة الأولى اعتقدت أن ما حصل كان عن طريق الخطأ بسبب كثرة إزدحام المتظاهرين، ثم أدركت أن هناك شابين يلحقان بي حيثما ذهبت، فابتعدت عنهما وحاولت تفاديهما قدر المستطاع. منذ حينها وأنا أشعر بالاختناق خلال التظاهرات، ولا أتوقف عن مراقبة الناس من حولي

لماذا لم أتكلم عن الموضوع؟ لماذا لم أفعل شيء؟ لا أعرف. ربما كنت مرهقة من المسيرة وأردت التركيز على الهتافات وإكمال المظاهرة.

نهار 22 آب، ضربني عنصر من الجيش، وبعد ركلي صرخ بوجهي "شرموطة". ابتعدت أيضاً، ولكن تلك الليلة لم أنسَ العنف الموجّه ضدي كامرأة، فما قام به ليس مجرد ضرب وإظهار لعضلاته، بل هو عنف أبعد من ذلك. عندما حاولت أن أتكلم مع صديق لي حول هذا الأمر، قال لي "عادي، هو ما قصده هيك، ما  هو بقول للرجال كمان شرموط وأسوأ". هذا صحيح نسبياً، ولكن ما لم يفهمه صديقي هو أن ثقل هذه الكلمة على المرأة ليست  نفسها على الرجل. فالمرأة تكون أكثر تضرراً، خاصةً إذا كانت تناضل طوال حياتها كي تتحرر من القيود الإجتماعية المفروضة عليها، ومن التمييز والعنف المركّب ضدها بهدف تهميشها وتحديد أسلوب حياتها لها رغماً عنها، وتكوين صورة سلعية عنها كشيء قابل للإستغلال، أو كشيء يتوجّب حمايته وكأن المرأة غير قادرة على أن تحمي نفسها بنفسها... والعنف الذي تعيشه في المنزل والشارع كل يوم، حتى إذا رفعت صوتها ضده كانت وحدها بمواجهة السلطة التي لا تكترث لها ولحريتها في الإختيار والتعبير.

هذا العنف ليس جديداً عليّ، فالعسكري الذي يضربني في الشارع، قد يكون أخي الذي يضربني في المنزل. فأنا لا أرى البدلة،  بل أرى عدم القدرة على السيطرة على الغضب بأعينهم عندما يفقدون أعصابهم, بسبب أو بلا سبب. كما أن الشعور الذي يساورني منذ الصغر، وهو الشعور بالضعف وعدم القدرة على الدفاع عن النفس أمام شرائط الكهرباء التي كان يجلدني بها أبي حتى أنزف دماً، والشعور باليأس لأن لا أحد يستطيع أن يوقف ضربات أبي مهما ارتفع صراخي، لا أنساه منذ أن كنت طفلةً، وأسترجعه رغماً عني في كل مرة أواجه فيها الدولة بأبشع ملامحها. ولكن بالرغم من كل ذلك لا أتراجع، وبعد كل ضربة، أقف وأكمل، أنا ورفيقاتي اللواتي يتمرّدن معي على الأبوية في العائلة والدولة وفي كل جوانب الحياة.

في كل مظاهرة تكون المواجهة أكبر وبالتالي الطاقة التي نحن بحاجة إليها أكبر، وقد حان الوقت كي نسترجع الأماكن العامة المنهوبة ونضيء على كل جوانب الصراع الطبقي، وجزء أساسيٌ منه هو كل الممارسات الذكورية البشعة التي تشبه إلى حدٍ بعيدٍ وجه السلطة. فنحن هنا لكي نكسر كل القيود التي يفرضها علينا المجتمع الذكوري، ولنفرض احترام كل حقوقنا. وعلينا فقط أن نبذل جهداً أكبر لتوفير مساحاتٍ أكبر للمطالبة ولإشراك كل من هو/هي متضررأكثر منا في ظلّ هذا النظام الفاسد، الطبقي والطائفي والعنصري والذكوري، وذلك يشملُ أيضاً كل اللاجئين الفلسطينيين والسوريين وكل العمال الأجانب والعاملات الأجنبيات.

Publisher: 

Sawt al Niswa

Section: 

Category: 

Featured: 

Popular post

Our portfolio

We wouldn't have done this without you, Thank you Bassem Chit - May you rest in power.

Copy Left

Contact us

Contact Sawt al' Niswa via:

You can also find us on: