في الانتخابات البلدية الآتية، لِنختر البديل

لطالما كانت المشاركة النسوية في المشهد السياسي العام وفي الانتخابات في لبنان موضع إشكال: فواقع الأمور بالأمس واليوم لا يشجّع على المشاركة في المشهد السياسي السائد الفاسد والمنفّر والذي لا ييأس من دفعنا إلى فقدان الأمل في إحداث تغيير فعليّ؛ ناهيك عن أنّه يحترف إقصاء أصوات غير اللبنانيين/ات المهمّشين/ات من عمّال/عاملات ولاجئين/ات، وأشخاص لا يمتثلون للأنماط الجندرية السائدة، وغيرهممن السكّان المقيمين/ات الذين/اللواتي لا يملكونالحقّ في التصويت.

لكن في المقابل، إنّ الانجذاب إلى التزام الموقع النقدي والترفّع والانسلاخ المطلق عن أي جهد إصلاحي قد يتحوّل من موقف إلى ممارسة تُضعف الانخراط السياسي وتعبّر بدورها عن موقع امتياز. وهذا لا يعني أننا لن نبقى على يقين بأن النظام الانتخابي اللبناني والنقاشات التي تدور في فلكه لا تزال بعيدة عن تمثيل وجهات النظر المختلفة وعن إنصاف المجموعات المهمّشة (كاللاجئين/ات والمهاجرين/اتوانتاج لسياسات تناهض العنصرية  المتمثلة بقرارات حظر التجول تجاه اللاجئين  المفعلّة من قبل البلديات،  بل تقصيهم عمداً في الكثير من الأحيان لتؤكِّد على هوية لبنانية متميزة.

غير أننا نعي أن الانتخابات البلدية تفسح المجال أمام إحداث تغييرات على مستوى محليّ في المدن والبلدات. ونحن إذ نقدّر أهمية العمل على الأرض، والتعاون مع أشخاص من خلفيات وقناعات سياسية مختلفة وأشخاص قد لا يتّفقون على قضايا كثيرة، وأهميّة مراكمة الخبرات في العمل في الشأن العام، ندعم ونتضامن مع المجموعات التي تطرح بدائل عن النظام الحالي وتنظّم أنفسها بطرق مختلفة من خلال إِشراك الناس وإيلاء الأهمية اللازمة لاحتياجاتهم.

في الوقت نفسه، لا يخفى عن أذهاننا أنّ مسألة دخول النساء المعترك السياسي لا تعني بالضرورة تغييراً بنيوياً، لأن النساء، كالرجال، بإمكانهنّ أن يشكّلن أبواقاً للأحزاب والقوى السياسية ذاتها. نحن نرحّب بجهود النساء ونتضامن معهنّ، خاصّة منهنّ النساء المرشّحات ضمن لوائح مستقلّة تعمل على صنع تغيير حقيقي في مجتمعاتهنّ المحلّية.

اليوم نشهد أكثر من أي وقت بروز حملات ومجموعات جديدة منظّمة مرشّحة للانتخابات البلدية، في العاصمة بيروت وغيرها من المناطق، طارحةً بدائل عن الكتل السياسية التي تحكم لبنان منذ عقود ومشاريعها. إنّ هذه المجموعات والحملات المعلوم عنها وغير المعلوم عنها –من ضمنها مثلاً "بيروت مدينتي"، و"مواطنون ومواطنات في دولة"، و"هيدي عمشيت"، ومجموعة النساء المرشّحات في محافظة بعلبك والهرمل، وغيرها من المجموعات أو الأفراد المرشّحين بشكل مستقّل في مختلف المناطق- ساهمت من دون شك في توسيع رقعة المساحات السياسية وأشكال العمل والتحالفات وتنوّع النقاشات. ومهما اختلفت مشاريع تلك المجموعات على الأصعدة السياسية والمدنية، يبقى أنها تشكّل جهوداً ستدفع باتجاه المزيد من التحوّلات في المشهد السياسي.

من الأسهل الاستسلام إلى اليأس. فنحن نرى ذلك في ذواتنا أولاً، ذواتنا التي غالباً ما يعتريها شعور بأن النظام لن يهتزّ، وأن حتّى الأشخاص المناسبين فيما لو انتُخبوا، ستتمّ استمالتهم، أو إسكاتهم، أو إفسادهم. لكننا لا نختار المخرج السهل، بل نختار أن نتعلّم أكثر كيف ندعم بعضنا، حتّى حين نختلف. نختار أن نحارب إلى جانب مرشّحين/ات قد لا نتّفق معهم/ن على أن نبقى نحارب إلى جانب أمراء حرب وقادة طائفيين.

نحن في "صوت النسوة" ندعم المجموعات التي تعمل من أجل التغيير، وندعوكم/ن إلى أن تصوّتوا/ن في أيار ضدّ الكتل السياسية اللبنانية المتربّصة بالسلطة والمشهد السياسي منذ عقود، أن تصوّتوا/ن ضدّ أموالهم، ضدّ فسادهم، ضدّ قادتهم.

 

 

 

 

Publisher: 

Sawt al' Niswa

Featured: 

Popular post

Our portfolio

We wouldn't have done this without you, Thank you Bassem Chit - May you rest in power.

Copy Left

Contact us

Contact Sawt al' Niswa via:

You can also find us on: