عن عنصرية مقعد الباص

by Sara AbuGhazal

قد ما يكون، نحنا عنا قيم، نحنا عنا احترام، نحنا شعب منخاف الله، عنا المرا محترمة، هلق اكيد الله عايش بالسما، فاذا عتمت الدني ما رح يشوفنا اذا قللنا من احترام مرا، وبالتالي ما بتتسجل علينا. بس مثلا، اذا بيطلع رجّال ختيار، يا حرام، على الباص وما لاقى مطرح يقعد، اكيد اكيد بينط عشر شباب يوقفوا تيقعد مطرحن، واذا مش عشرة، عشرين. او اذا طلعت ام وولدها عزندها، ولك بيوقف الباص كله سوا تتقعد، ولو! كرامة الولد واحتراما للامومة.

 

هيدا حديث بيتكرر كتير فوق فناجين القهوة، خصوصة لما ينذكر موضوع اوروبا او اميركا، حيث الفلوس والفسوق. هيدا الحديث اللي بيرسم صورة مجتمع افلطوني،عايشين في الناس بحب واحترام وتضحية. مجتمع ما بعرف من وين مستوحايينو، بس اكيد مش من المجتمع اللبناني اللي انا بعرفه.

 

المجتمع اللبناني اللي انا بعرفه هوي مجتمع باصات الحمرا، مطرح ما المقاعد قليلة والركاب كتار. طيّب، تفضلوا معي على فنجان قهوة الكترونية تخبّركن عن رحلة من رحلاتي بباصات الحمرا الاسبوع الماضي.

 

نهار الاربعا الماضي، كنت راجعة من الحمرا على الاشرفية، كتروا الركاب وخلصوا المقاعد. طلعت ست كبيرة بالعمر، رصدت الاجواء وما لقيت مقعد فاستسلمت وتمسكت بعواميد الباص. رصدت انا الاجواء ومتل العادة ساقبت ان كل الركاب كانوا بارمين وجّن على الشبابيك وعم يتأملوا زبالة بيروت الفنية. صدفة اكيد، لولا هالصدفة كان نط عشر شباب يقعدوها مطرحهن. فوقفت انا وقعّدت الست، اللي اكيد شكرتني.

 

بعد فترة، طلعت أم وولدها، اللي عمره شي سنتين، رصدت الاجواء واكيد لقيت الكل عم يتأمل الزبالة. تمسكت بعامود الباص ونزّلت ابنها من حضنها، واتمسّك الولد باجرين امه. على اول كوع طب الولد وكان رح يدكرب برات الباص عالطريق، فتكرّمت احدى الصبايا بإنها نصحته يتمسك بعامود الباص بايد وباجر امه بايد تانية. شكراً دوموازيل، مغفورة لك خطاياك. على الكوع التاني تكرر المشهد المأساوي، فوقف زلمي عمره شي خمسين سنةوقعّد الام. وساعتها بيبرم الشب اللي قاعد على نفس المقعد، بيتنازل عن مشهد الزبالة تيتحدّث مع الصبي الزغير، يسأله عن عمره واسمه وكل التفاصيل السخيفة. شكراً سيدي، مغفورة لك خطاياك. انا شخصيا كتير انبسطت لما شفت الصبي زابل الشب المتلاطف.

 

كمان بعد فترة، طلعت ام تانية مع بنتها اللي انجأ عمرها سنة. رصدت الاجواء وتأملّت اعجاب الشعب اللبناني بزبالة الطريق. بس هالمرة ما نوجد لا كبير ولا زغير يوقف تيقعدها، بالرغم من كترة الكواع، ولا حتى كرامة البنت الزغيرة.

 

كان بودّي ادّعي انه السبب اللي اعمى اهالي الباص عن واجباتهن الانسانية هوي الانانية الاعتيادية، بس ما قدرت اتجاهل الواقع اللي فرض ان هالبنت تكون بنت وحدة سرلنكية، وبالتالي، مش حلوة كفاية تحدا يأسف اذا وقعت على شي كوع.

 

بقي الشب المتلاطف يجرب يلفت نظر الصبي وبقيوا سكان الباص يبتسموا لهالصبي اللبناني اللي بشرته بيضا كفاية تينعتل همه. وبقيت الام الواقفة عم بتصارع كل كوع تتضل واقفة على اجريها وبنتها ما توقع من زندها. وبقيت انا حاقدة على الهوية اللبنانية.

 

جرّبت احقد على سكان باص الحمرا القاعدين، بس كانوا كتير كتار، ما عرفت عمين منن لازم احقد. جربت احقد على الشب المتلاطف بس لاحظت انه كتير معجوق بالصبي ومش ملاحظ حقدي. جربت احقد على الصبي الزغير، لأن يمكن لو هوي ما طلع بالباص أو ما كان لبناني كان ممكن عالقليلة هالختيار يوقف ويقعّد الام التانية، بس لاحظت ان هيدا الصبي بعد مش فاهم العنصرية المستشرية بالدم اللبناني. فجربت احقد على الست الختيارة اللي وقفت انا لقعدها، وللحظة فكّرت قلها: سوري تانت، بس نكاية بالشعب العنصري بدي استرد مقعدي واعطيه لهيدي الام اللي ما حدا معبّرها”. بس لاحظت انه حقدي بالدرجة الاولى على نفسي، لأن بعرف انو كان بيكفي اني قول جملة وحدة: يا شعب الله المتشبه بالبيض، حدا منكن يوقف ويقعد هالمدام. حرام، كرامة البنت بس انا سكتت.

 

كرهت حالي على هيدا الصمت اللي ذكّرني بالمرات اللي كانوا فيها فيران المجتمع يتحشروا فيي ويدقوا فيي بالباصات العامة لأنن عارفين مش طالع من امري حتى كلمة. هيدا الصمت اللي ذكرني بالاوقات اللي منبقى قاعدين وبيطلع صوت واحد من رجال العيلة على مرته، وبيهينها وبيبهدلها والكل بيدّعي انن مش ملاحظين شي.

 

ومن كرهي لذاتي تطلّعت بالام المهمَلة ولما تطلعت فيي ابتسمتلها ابتسامة البعتذر باسم اصحابي اللبنانيي عل الخرا، على امل انو تنغفري خطاياي انا كمان، ابتسمتلي هيي كمان. ما بعرف اذا فهمت لغة الابتسامة، يما بس انبسطت انو عالقليلة حدا اعترف بوجودها، او بس لأن افتكرتني صبي عم يطحش عليها وما حبّت تستفزني.

 

بعد هيك رجعت لجذوري اللبنانية، برمت وجي وقعدت اتأمل زبالة بيروت الاصيلة، صبحان الخالق ما في احلى من زبالة طرقاتك يا بيروت

Publisher: 

Sawt al' Niswa

Section: 

Featured: 

Popular post

Our portfolio

We wouldn't have done this without you, Thank you Bassem Chit - May you rest in power.

Copy Left

Contact us

Contact Sawt al' Niswa via:

You can also find us on: