عن حركات “فنجان القهوة”

Sawt al Niswa

منذ عقود، اعتادت اللبنانيات واللبنانيون على نمط واحد من الحركات المدافعة عن حقوق المرأة (الحركات النسائية) وهي: حركات فناجين القهوة. شو يعني؟

يعني، قرطة مدامات (من “سيدات المجتمع”، يعني يللي أزواجهن أو آبائهن رجال أعمال أو وزرا أو نواب أو مدرا بنوك أو ورثوا مصاري متلتلة) بيجتمعوا بمطاعم فخمة، بيتعشوا وبيتحدثوا عن الشوبينغ بالنمسا وباريس، بعدين كل وحدة بتتبرع بكم ألف دولار لل”فقرا” ول”دعم مشاريع الدفاع عن حقوق المرأة” يللي ما شفنا منها شي كل هالسنين، ولا رح نشوف. وتختتم هالحفلات التبرعية، بصفحة صور بمجلات “المجتمع” الأسبوعية، يللي بتقراهن بصالونات التجميل، المدامات “الأقل من حيث المستوى الاجتماعي”، وبتتفرج عاللبس والماكياج والأكل والفخامة بهالصور، وبتتحسر وبتلعن أبو حياتها.

ليش نحنا ضد حركات فنجان القهوة؟ (غير انو التبصير مضيعة للوقت والأعصاب والقدرات العقلية)

    لأن هيدا النوع من الحركات، وجودها أسوأ من عدم وجودها، لأنها بتكرس النظرة الذكورية ل”حقوق المرأة”، ولكيان المرأة. هيدي القرطة من المدامات بتشوف الأمور بمنظار “الزوج” و”الوالد” الذكوري، وبتخضع لمعايير الشكل المقبول للمرأة، وتصر عليه، وتتنافس على الخضوع لالو (ملابس، ماكياج، عمليات تبشيعية، نمط السير والحركة، المصطلحات المنتقاة) يعني بمعنى آخر، هالنسوان هني من صنف “الفتاة العاقلة” The Good Girl

      أفراد (أو بالأحرى فردات) حركات “فنجان القهوة”، ما بيستمدوا قوتهن من كيانهن الشخصي أو انجازاتهن الشخصية، انما من قوة ونفوذ “رجالهن” سواء كان البابا أو الزوج (الحاضر أو المرحوم) أو الأخ أو أو، يعني حالهن من حال “النائبات” الحاليات. وفي هذا استضعاف مريع للقدرات الفردية والشخصية للمرأة، وتهميش لها، وتكريس للفكرة القائلة أن “وراء كل رجل عظيم امرأة (قد، وقد لا) ترثه” وغير هيك ما في.

        خطاب حركات “فنجان القهوة” خطير جدا، لأنو ولا مرة بيخاطب “المرأة” بوصفها كيان مستقل، انما الخطاب دائما بيكون عامر ومليء بالمصطلحات الشجية والحنونة والعاطفية متل “نخاطب الأم الحنون” و”الابنة المطيعة” و”الزوجة الصالحة” والخ. وفي هذا اعادة إنتاج لصفة المرأة التابعة يللي ما الها وجود إلا في كنف رجل ما، وما في اعتراف فيها إلا من خلال علاقتها برجل ما.

        أعمال وتحركات حركات “فنجان القهوة” بمعظمها ترتبط بمناسبة معينة مثل “يوم المرأة العالمي” أو “عيد الأم والطفل”، وتكون طبعا فارغة من المحتوى والهدف والمضمون، هي مناسبات تجميل اجتماعيةاعلامية لا أكثر. أما النضال الحقيقي، فمننساه ع طول السنة.

        هذه الحركات بتشبه “وج الصحارة” متل ما بيقولو، يعني يتم اختيار أفرادها من المدامات الغنيات (ماديا أكيد مش فكريا) والمستعدات للظهور بالحلة المطلوبة والمقبولة اعلاميا واجتماعيا، والحديث بالأفكار الملقنة فقط وعدم “التخبيص برات الصحن”. أما المرأة الحقيقية، يعني يللي بكعب الصحارة، الممعوسة ويللي عم ينخرها الدود والموجوعة واللي ريحة جروحها طالعة، فممنوع تظهر ع العلن، تا ما تخرب “وج الصحارة” و”الصورة اللماعة” المفروضة أبدا ودائما أمام الداخل، قبل الخارج.

        هذه الحركات حركات طبقية بحتة، تستمد أموالها وأفكارها من النظام الذكوري الرأسمالي المتوحش، يللي أكيد أكيد، مش ممكن ينتج عنو إلا أعمال ذكورية رأسمالية متوحشة. انو المرأة الفقيرة عمرها ما ناضلت لحقوقها؟ انو الرجل الفقير عمرو ما يكون الو دور بالنضال؟ انو كيف متوقعين يتم التغيير، اذا الأدوات المستخدمة، هي ذاتها يللي لازم نحاربها ونتخلص منها؟

        هذه الحركات هي حركات تمييزية، عايشة جوات فنجان القهوة وبس، ما بعمرها مدت راسها لبرا. يعني هالقرطة من النسوان والرجال، ما بيشوفوا إلا بعض، وما بيحكوا إلا مع بعض، وما بيفهموا إلا بعض. ما بيشوفوا المرأة العاملة، والرجل العامل، والعاملات الأجنبيات، وعاملات الجنس، والمرأة المثلية، والرجل المثلي، والمرأة الفلسطينية والعراقية وغيرها، والمرأة المعنفة والرجل العنيف… ما بيشوفوا العالم الحقيقي، وعشان هيك ما فيهن يفهموه، ولا بدهن يفهموه، وعشان هيك، متل قلتهن.

        هذه الحركات تكرس الصورة النمطية للمرأة، لأنها مفلسة ايديولوجيا وفكريا، وهي تعمل على القشور فقط (حتى انها تعمل على القشور الغلط!) ولا تعمل على التغيير الجذري لنظرة المجتمع للمرأة (وبيناتنا، المجتمع كلو بكل شي فيه) ، ولنظرة المرأة لنفسها وللمجتمع، وبالتالي هي تمنح شرعية “نسوانية” لذكورية المجتمع والفكر الاجتماعي السائد، وتعيد انتاجه بصور لماعة ومصطلحات براقة مزينة بشعارات فضفاضة وفاضية مثل “حرية المرأة” و”حقوق المرأة” و”المساواة”.

        هلق، فيه كتير تعريفات لل”نسوية” وللفكر النسوي وأسسه. بس أنا بشوف حركتنا ك”حركة نسوية”، على انها حركة ايمانها تحرير جميع الكائنات الحية: الإنسانوالحيوان والطبيعة. نحنا شغلنا نقول انو المساواة مش جميلة منربحها، أو لقب بيتفضل فيه المجتمع علينا، نحنا منخلق متساويات ومتساويين، عجبكن أو لا، وشغلنا انو نطبق هالشي. نحنا مش “زوجة فلان” و”ابنة فلان” و”شقيقة فلان”، نحنا “فلانة”. نحنا حرات كيف نلبس، وكيف نمشي، ومين نحب، ومع مين ننام، ووين نعيش، وكيف نعيش، وشو نشتغل، واذا منتزوج أو لأ، واذا منشيل شعر اجرينا وحواجبنا أو لأ، واذا منقص شعرنا أو منتركو أو لأ، واذا منستعمل ماكياج أو لأ. نحنا الفقرا والمش فقرا، يللي ضد الطبقية، والعنصرية، والتمييز بكل أشكاله، والطائفية، والصهيونية بكل أشكاله، السياسية والاقتصادية والثقافية، وضد كل الحركات العنصرية والتمييزية والطائفية حول العالم. نحنا يللي منعرف الفقر، ويللي منعرف الضرب والاغتصاب، ويللي منعرف التحرش ومنسمع مية تلطيشة كل يوم بالشارع والباص، ويللي مننجبر نقبض نص معاش، ونشوف ألف اعلان وكليب بيسب فينا وبيميز ضدنا، ويللي منلبس من أرخص محلات، ويللي منعرف المخيمات، وممنوع نعطي لأولادنا وبناتنا الجنسيات، ويللي بيتم التعامل معنا بكل شي فيه كراهية واحتقار اذا كنا عم نشتغل ببيوت الناس، أو ببيوت الدعارة، ويللي منختنق بالطائفية والكراهية والطبقية ورهاب المثلية، ويللي منربى ع نظرة دونية لأنفسنا وللنساء حولنا، ومننجبر نحس اننا أقل من أخواننا الشباب، والمسموح الهن ممنوع علينا، ويللي منحمل شرف العشيرة كلها بين اجرينا. نحنا يللي نضالنا كل يوم ع مدار السنة، بطريقة حياتنا، وأكلنا، وشكلنا، وحكينا، وتفكيرنا وعلاقاتنا. نحنا يللي طموحاتنا ما بتعرف حدود، وبنفس الوقت، مفروض عليها ملايين القيود.

        نحنا النسويات، نحنا “مش بنات بيوت”، ومش “بنات عاقلين”، ووظيفتنا نخبص برات الصحن المعفن، ووظيفتنا نسب هالنظام الفوضى والظلم والاستعباد والقهر، مش نحكي بتهذيب. نحنا يللي من يوم وطالع، صراخنا رح يمللي الدني، ورح تشوفونا وين ما كان. نحنا يللي شغلنا نحمل المراية بوجه هالمجتمع، تا يقرف من حالو. نحنا يللي وظيفتنا نحط التفاح المضروب ع وج الصحارة. وكمان، احدى أهم وظائفنا لازم تكون، انو نكسر فناجين القهوة، ومصانعها.

        Publisher: 

        Sawt al' Niswa

        Section: 

        Category: 

        Featured: 

        Popular post

        Our portfolio

        We wouldn't have done this without you, Thank you Bassem Chit - May you rest in power.

        Copy Left

        Contact us

        Contact Sawt al' Niswa via:

        You can also find us on: