لا يخفى على أحد أنّ الجميع في لبنان متضرر من النظام الطائفي، باستثناء الذين/اللواتي يعتبرون/ن أنفسهم/ن زعماء لقبيلة ما تسعى إلى تخليد الأبوية. كما أنه ليس سراً أنّ هذا النظام الطائفي يقوّي نفسه من خلال دفع الأقليات والمجموعات المتعددة في لبنان إلى محاربة بعضها البعض، بينما تقوم القيادات بجني الأرباح. في مقابل ذلك، نجد أنّ هناك مجموعة تشكل 52% من سكان لبنان ، أي الأكثرية الساحقة، لكن هذه المجموعة تبقى الأكثر تهميشاً من جهة المدخول والتوظيف والولوج إلى الخدمات الصحية والتمثيل النقابي والحكومي وحقوقهن القانونية…
الاستنتاج هنا بسيط وواضح: المرأة متضررة من النظام الطائفي !
هنّ الأكثرية الوحيدة في لبنان. الأكثرية التي تجمعها أجور أقل بكثير من تلك التي يكسبها الرجال، فالمعدل العام لأجور النساء الذي صدر في العام 2009 كان 2430 $ مقابل 7789$ للرجال، أي في مقابل كل 31 سنتاً تكسبها المرأة، يكسب الرجل دولاراً كاملاً.
في العام 2002، احتل لبنان المرتبة 153 من بين 163 بلداً .بالنسبة إلى معدلات النشاط الاقتصادي النسائي، فبشكل عام، ثلث الللبنانيات يعمل فعلياً، بينما تقبع 9.6 من النساء اللواتي يبحثن عن عمل عاطلات عن العمل و ذلك في مقابل 7.4 % من الرجال العاطلين عن العمل.
و إذا ما نظرنا إلى أوضاع النساء العاملات نجد أنّ ظروف العمل نفسها غير جيدة ومميِزة في آن ضد النساء. فالضرائب المفروضة على النساء لا تخضع إلى التخفيضات التي ينالها الرجل المتزوج، أو “رب الأسرة” ، وذلك بصرف النظر عن وضعها الأسري أو الأعباء المعيشية التي تقع على عاتقها لإعالة عائلتها.
من جهة أخرى ، فإنّ مدة الأسابيع السبعة التي تحصل عليها المراة عندما تنجب في لبنان تُعَدّ الأقصر مقارنةً بالدول العربية. وعلى الرغم من أنّ القانون لا يبرر (لا يجيز؟؟؟) طرد المرأة الحامل من العمل، فإنّ وظيفتها ممكن أن تنتهي لأسباب “مختلفة” خلال فترة حملها وعطلة الأمومة. بالإضافة الى ذلك، فإنّ 46% من النساء فقط (17% فقط من النساء الفقيرات جداً) لديهن نوع واحد من أنواع التأمين الصحي.
أما في ما يتعلق بالعمل السياسي والتمثيل النسائي، فالوضع يعتبر مزرياً. هناك 4 نساء فحسب من أصل 128 في البرلمان اللبناني ، علماً أنّ 12 امرأة فقط أعلنت عن ترشحها في انتخابات 2009. تبقى هذه النتائج أقل من المعدلات في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وبالتالي فهي المعدلات الأدنى في العالم . هذا وقد شاركت امراة واحدة في الحكومة المؤلفة من 32 وزارة، علماً أنّ أول وزيرة امرأة في لبنان شاركت في حكومة العام 2004 !
وينطبق الأمر ذاته على المراكز القيادية في القطاعات العامة والخاصة على حد سواء، حيث أنّ 3.8 فقط من سفراء لبنان هن من النساء (اعتباراً من 2008) و13.6 فقط هن مديرات عامات و0.4 من البلديات يترأسها نساء. أكثر من ذلك، فمنذ العام 2000، لم تتخذ أي امرأة أي موقع قيادة في النقابات العمالية أو المهنية، باستثناء امرأة وحيدة كانت عميدة للجامعة اللبنانية . هذا ويبقى أمر جدير بالذكر وهو أنّ 45% من الجمعيات هي مدارة من قبل نساء. تخيلن/تخيلوا!
كما يميز يجحف القانون اللبناني بالتأكيد ضد النساء. ففي غياب القوانين المدنية للأحوال الشخصية، تبقى المرأة، كالرجل، محكومة من خلال المحاكم الدينية، التي تميز جميعها ضد النساء لجهة الزواج، الطلاق، الإرث… حتى اللحظة، لا تستطيع المرأة اللبنانية إعطاء جنسيتها لأولادها أو زوجها وما زال القانون اللبناني يضمن عقوبات مخففة إذا أقدم الزوج على قتل زوجته نتيجة قضية “زنى“، بالإضافة إلى عقوبات مخففة لكل الجرائم المسماة جرائم “الشرف“.
الأمر واضح إذا يا إخوتي وأخواتي: النظام الطائفي كان وسيبقى سيئاً جداً للنساء والطريقة الوحيدة للحصول على حقوق مساوية هي بتغيير هذا النظام.
أين كنا نهار الأحد؟ كل واحدة منا كانت تتظاهر وتصرخ غارقة في المياه. وصدقوني، كنا بالفعل رائعات، و لكن أين كانت مطالبنا؟ وكيف يمكن للثورة أن تجلب “الخبز والكرامة الوطنية” في حين ما تزال النساء، أي نصف المجتمع قانونياً واجتماعياً مواطنات درجة ثانية؟ نعرف جميعاً أنّ إسقاط النظام الطائفي مرتبط بمحارية الفقر وإقرار الزواج المدني وإقرار الحقوق المدنية للاجئين الفلسطنينين وضمان حياة كريمة للنساء والرجال وتأمين ظروف عمل عادلة للجميع وتوفير ضمان صحي لائق للجميع. ونعلم جميعاً أنّ هذه المطالب لن تتحقق من دون مشاركة فاعلة للنساء. ونعلم أيضاً أنّ كل هذه المطالب لن تكون كافية في حال بقيت المرأة في نهاية المطاف أفقر من الرجل وأقل توظيفاً منه ومحرومة ومميز ضدها.
فلنشارك مطالبنا في الاجتماعات المفتوحة لحملة إسقاط النظام الطائفي في العشرين من آذار لأنها معركة واحدة!
Publisher:
Section:
Category: