استمرار استهداف المدافعات عن حقوق الإنسان باليمن والاعتداء على نظيراتهن بلبنان وتردي أوضاع اللاجئات السوريات
شهد شهر أغسطس لعام 2015 تصاعد في استهداف المدافعات عن حقوق الإنسان باليمن، في وسط النزاع المسلح الذي يحدث هناك منذ ما يقرب من عام والذي نتج عنه اختطاف وقتل البعض من المدافعات عن حقوق الإنسان خلال عملهن في تأمين ممرات آمنة لنقل القتلى والجرحى. ويشمل التصاعد المشار إليه اختطاف كل من أمة السلام الحاج وشميرة العشور وعائشة حربة، الناشطات بحزب الإصلاح، واللاتي تم اختطافهن من مقر عملهن وتسليمهن لمقر قسم شرطة الجديري، وتم الإفراج عنهن بضمانة أولياء أمورهن، على أن يتم استكمال التحقيق معهن. وذلك يعد إهانة واضحة للمدافعات المعنيات وتقليص لدورهن في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، ويرسخ من الثقافة الأبوية التي تحتم الوصاية على النساء في المجال العام. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، حيث تم أيضاً الاعتداء على الدكتورة الجامعية بجامعة صنعاء وهي د. سلوى دماج، بالإضافة إلى زملائها بعد اشتراكهم في وقفة بالحرم الجامعي للمطالبة بالإفراج عن الدكتور المخلافي. وبالرغم من أن الوقفة كان مقرر لها أن لا تتعدى العشرة دقائق، فوجؤوا وهم في طريقهم لمكان الوقفة بمظاهرة أخرى مضادة لهم، وقاموا بمحاصرتهم وتم تحويط د. دماج والمشاركين معها بمجموعات مسلحة بالزي العسكري من ميليشيات الحوثي، وتم ملاحقة المشاركين في الوقفة المعنية وضرب الطلاب بأعقاب البنادق والتي تسببت في إصابتهم، والهجوم على د. دماج وإشهار السلاح في وجهها وتوجيه السب والألفاظ النابية لها، وقالموا بالاعتداء على زملائها في قاعات المحاضرات. ويعد ذلك العنف الممنهج ممارسة تهدف إلى إرسال رسالة واضحة وهي إسكات أي صوت للدفاع عن حقوق المعتقلين بشكل عام، وطريقة لتهديد نشاط وتواجد النساء في المجال العام.
أما في لبنان، شهد حراك "طلعت ريحتكم" والذي بدأ يوم 22 أغسطس 2015 والذي شمل حراك واسع للنساء والمدافعات عن حقوق الإنسان انتهاكات عريضة، شملت الاعتداء الجسدي على المتظاهرين والمتظاهرات النساء بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه وطلقات الخرطوش والرصاص الحي من قبل قوات الأمن، والذي نتج عنه العديد من الإصابات، فضلا عن عدم إعتراف قوى الأمن والمخابرات بأماكن العديد من الأشخاص الذين فقدوا حتى مؤخرا، كما شهدت أيام 23 و24 أغسطس 2015 تصعيد آخر، حيث تم القبض على ما يقرب من 40 ناشط من قبل قوات الأمن، وغير معلوم حتى الآن عدد الذين تم إخلاء سبيلهم، وخاصة أنه توجد معلومات من مدافعات عن حقوق الإنسان من الأرض تفيد أن من تم إعتقالهم يقرب عددهم من ال100 شخص منهم 6 غير لبنانين ما بين سوريين وسوداني و لم يفرج عنهم حتى هذه اللحظة، حيث العديد منهم قصر (دون سن ال18 عام). وتتراوح التهم الموجهة إليهم بين تخريب الممتلكات العامة والشغب والتعدي على قوات الأمن. كما قامت قوات الأمن في كل الأيام المذكورة وحتى 31 أغسطس 2015 بالتعدي على الصحفيات والصحفيين وإقصائهم عن تغطية الأخبار، وخصوصا تلك التي تعلقت بإخلاء وزارة البيئة والتي تم التعدي فيها بالضرب والعنف على المتظاهرات، ومن بينهم المدافعة نعمت بدر الدين والمتظاهرين. والجدير بالذكر أنه في ظل أي حراك مجتمعي، دائما ما يتم تهميش دور النساء والمدافعات عن حقوق الإنسان، في حين يتم الاهتمام بالدور الذي يقوم به نظيرهن الذكور، حيث تم تداول خطاب أبوي يدور حول كيف أن استهداف النساء والمدافعات عن حقوق الإنسان بالاعتداءات الجسدية في الحراك المشار إليه من قبل قوات الأمن يعد "جبن"، في حين أن الاعتداءات التي يواجهها الذكور هي قمع واضح وصريح.
وتستمر المأساة في سوريا وتفاقم أثرها على النساء بشكل خاص، حيث يستمر مسلسل الانتهاكات الصارخة التي تواجهها النساء السوريات والمدافعات عن حقوق الإنسان واللاجئات، في خضام نزاع مسلح مستمر منذ أكثر من أربعة أعوام. وشهد العالم بأجمعه على حالات الغرق البشعة التي طالت نساء وأطفال، بل وعائلات بأكملهم، خلال رحلة نزوحهم إلى بلاد أوروبية، وذلك نتيجة لغياب أية تدابير أو إجراءات من شأنها توفير إجراءات آمنة للاجئين واللاجئات الذين يهربون من الدمار والعنف اللاحق بهم بسوريا، مما ينتج عنه غرقهم كما تم الإشارة إليه، أو نزوحهم إلى بلدان عربية حيث يكونوا عرضة للترحيل نظرا لعدم حصولهم على الأوراق الثبوتية التي تضمن إقامتهم بشكل آمن ويضمن حقوقهم، فضلا عن تعرض النساء اللاجئات للعنف سواء في المخيمات بتلك البلاد أو تعرضهن للانتهاكات والتمييز نظرا لأوضاعهن كلاجئات ونساء ناجيات من نزاع مسلح. وعليه، فإن أوضاع اللاجئين السوريين يضر بشكل أساسي بالنساء اللاتي هن أكثر عرضة للانتهاكات كلائجات من ناحية العنف أو الوضع الاقتصادي.
وعليه، يدين التحالف الإقليمي للمدافعات عن حقوق الإنسان لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الانتهاكات الواسعة والمتصاعدة التي تطال النساء والمدافعات عن حقوق الإنسان، بمختلف سياقاتهن في بلداهن أو نشاطهن، ويؤكد التحالف على الدور الهام الذي تقوم به المدافعات عن حقوق الإنسان، وخاصة أنهن يقمن به في ظل سياقات أبوية تقلص من أدوارهن وتحاول دفعهن إلى الأدوار المقبولة منهم مجتمعيا، وإنكار ما يقمن به في ظل سياق الحراك المعني. ويطالب التحالف الإقليمي بوقف الانتهاكات التي يتم ارتكابها بحقهن وضرورة محاسبة ومسائلة من يرتكبون تلك الانتهاكات، مع ضرورة اتباع المعايير الدولية لحماية المدافعات عن حقوق الإنسان والاعتراف بالدور الهام اللاتي يقمن به وفهمه في ظل سياق الحراك المعني، بالإضافة إلى أخذ جميع التدابير والإجراءات الضرورية التي من شأنها صون كرامة والسلامة الجسدية والنفسية للاجئات السوريات، وتسهيل إجراءات إقامتهن بشكل قانوني يضمن حقوقهم الأساسية، وإعادة تأهيلهن وتوفير الدعم اللازم لهن، وتوفير سبل عيش كريمة لهن، يضمن عدم تعرضهن للمهانة والعنف.
Publisher:
Section: